وعندهم ليس خارجًا عن نفس النبي كلام ولا ملك كما يزعمه من يزعمه من المتفلسفة والصابئة المشركين، وزعموا أنهم مؤمنون، وقالوا : إنهم يجمعون بين النبوة والفلسفة، كما يفعل الفارابي وابن سينا وغيرهما من المتفلسفة والقرامطة الباطنية من الإسماعيلية ونحوهم، الذين أخذوا معاني المتفلسفة الروم والفرس فأخرجوها في قالب التشيع والرفض، والإمامية والزيدية وغيرهم من الشيعة يعلمون أنهم كفار.
ومثل ابن سبعين وأمثاله ممن أظهر التصوف علي طريقة هؤلاء، فهو يأخذ معانيهم يكسوها عبارات الصوفية، والصوفية العارفون يعلمون أنهم كفار، وأن شيوخ الصوفية الكبار كالفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، وعمرو بن عثمان الشبلي، والجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وأبي عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي ونحوهم ـ رضي الله عنهم ـ كانوا من أعظم الناس تكفيرًا لهؤلاء؛ فإن قول هؤلاء الزنادقة ـ وإن كان فيه إيمان من وجه آخرـ فهؤلاء موافقون في الحقيقة لمقدمهم الوحيد الذي قال :﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ [ المدثر : ٢٥ ]، لكن ذاك كفر به كله ظاهرًا وباطنًا، وهؤلاء قد يؤمنون به ظاهرًا، وقد يؤمنون باطنًا ببعض صفاته؛ من أنه مطاع عظيم، وأنه رئيس النوع الإنساني، وأن هذا الكلام الذي / جاء به كلام عظيم القدر، صادر عن نفس صافية كاملة العلم والعمل، لها ثلاث خصائص تتفرد بها عن غيرها : خصيصة قوة الحدس والعلم، وخصيصة قوة التأثير في العالم السفلي بنفسه، وخصيصة قوة التخيل المطابق للحقائق، بحيث يسمع في نفسه الأصوات، ويري من الصور ما يكون خيالا للحقائق، وأنه يجوز إضافة كلامه إلي الله، وتسميته كلام الله، حيث هو أمر به أمرًا خياليًا.