فلهذا صار من بعده متنازعين في هذا الباب. فالطائفة الذين يقولون : لفظنا وتلاوتنا غير مخلوقة ينتسبون إليه، ويزعمون أن هذا آخر قوليه، أو يطعنون فيما يناقض ذلك عنه، أو يتأولون كلامه بما لم يرده.
والطائفة الذين يقولون : إن التلاوة مخلوقة، والقرآن المنزل الذي نزل به جبريل مخلوق، وإن الله لم يتكلم بحروف القرآن، يقولون : إن هذا قول أحمد، وأنهم موافقوه، كما فعل ذلك أبو الحسن الأشعري، فيما ذكره عن أحمد، وفسر به كلامه، وذكر أنه موافقه، وكما ذكر القاضي أبو بكر الباقلاني في تنزيه أصحابه من مخالفة السنة وأئمتها كالإمام أحمد، وكما فعله أبو نعيم الأصبهاني في كتابه المعروف في ذلك، وكما فعله أبو ذر الهروي، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وكما فعله أبو بكر البيهقي في الاعتقاد في مناقب الإمام أحمد. وروي عنه أنه قال : لفظي بالقرآن مخلوق، وتأول ما استفاض عنه من الإنكار على من قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق، على أنه أراد الجهمي المحض الذي يزعم أن القرآن الذي لم ينزل مخلوق.