وكانت [ اللفظية الخلقية ] من أهل الحديث يقولون : نقول : إن ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، وإن التلاوة غير المتلو. والقراءة غير المقروء. و [ اللفظية المثبتة ] يقولون : نقول : إن ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة، والتلاوة هي المتلو، والقراءة هي المقروء.
وأما المنصوص الصريح عن الإمام أحمد، وأعيان أصحابه، وسائر أئمة السنة والحديث، فلا يقولون : مخلوقة ولا غير مخلوقة، ولا يقولون : التلاوة هي المتلو مطلقًا، ولا غير المتلو مطلقًا كما لا يقولون : الاسم هو المسمى، ولا غير المسمى.
وذلك أن [ التلاوة والقراءة ] كاللفظ قد يراد به مصدر تلى يتلو تلاوة، وقرأ يقرأ قراءة، ولفظ يلفظ لفظًا، ومسمى المصدر هو فعل العبد وحركاته، وهذا المراد باسم التلاوة والقراءة. واللفظ مخلوق، وليس ذلك هو القول المسموع الذي هو المتلو. وقد يراد باللفظ الملفوظ، وبالتلاوة المتلو، وبالقراءة المقروء، وهو القول المسموع، وذلك هو المتلو، ومعلوم أن القرآن المتلو الذي يتلوه العبد، ويلفظ / به غير مخلوق، وقد يراد بذلك مجموع الأمرين، فلا يجوز إطلاق الخلق على الجميع ولا نفي الخلق عن الجميع.
وصار ابن كلاب يريد بالتلاوة القرآن العربي، وبالمتلو المعنى القائم بالذات، وهؤلاء إذا قالوا : التلاوة غير المتلو، وهي مخلوقة، كان مرادهم أن الله لم يتكلم بالقرآن العربي، بل عندهم أن القرآن العربي مخلوق. وهذا لم يقله أحد من أئمة السنة والحديث. ويظن هؤلاء أنهم يوافقون البخاري أو غيره ممن قد يفرق بين التلاوة والمتلو، وليس الأمر كذلك.


الصفحة التالية
Icon