[ الكهف : ١٠٩ ]، والله ـ سبحانه ـ تكلم بالقرآن العربي، وبالتوراة العبرية، فالقرآن العربي كلام الله، كما قال تعالى :﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ إلى قوله :﴿ لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ﴾ [ النحل : ٩٨ ـ ١٠٣ ] فقد بين ـ سبحانه ـ أن القرآن الذي يبدل منه آية مكان آية نزله روح القدس وهو جبريل ـ وهو الروح الأمين كما ذكر ذلك في موضع آخر ـ من الله بالحق، وبين بعد ذلك أن من الكفار من قال :﴿ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ﴾ كما قال بعض المشركين : يعلمه رجل بمكة أعجمي، فقال تعالى :﴿ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ﴾ أي الذي يضيفون إليه هذا التعليم أعجمي ﴿ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ﴾ [ النحل : ١٠٣ ].
ففي هذا ما يدل على أن الآيات التي هي لسان عربي مبين، نزلها روح القدس من الله بالحق، كما قال في الآية الأخرى :﴿ أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [ الأنعام : ١١٤ ]، والكتاب الذي أنزل مفصلاً هو القرآن العربي باتفاق الناس، وقد أخبر أن الذين أتاهم الكتاب يعلمون أنه منزل من الله بالحق، والعلم لا يكون إلا حقًا فقال :﴿ يّعًلّمٍونّ ﴾ ولم يقل : يقولون، فإن العلم لا يكون إلا حقا بخلاف القول، وذكر علمهم ذكر مستشهد به.


الصفحة التالية
Icon