فروينا في كتاب [ الإبانة ] لأبي نصر السجزي، وكتاب البيهقي، وغيرهما عن عقبة، قال : سئل ابن شهاب عن هذه الآية :﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾، قال ابن شهاب : نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من البشر، فكلام الله الذي كلم به موسى من وراء حجاب، والوحي ما يوحى الله إلى النبي من أنبيائه ـ عليهم السلام ـ ليثبت الله ـ عز وجل ـ ما أراد من وحيه في قلب النبي، ويكتبه، وهو كلام الله، ووحيه، ومنه ما يكون بين الله وبين رسله، ومنه ما يتكلم به الأنبياء ولا يكتبونه لأحد، ولا يأمرون بكتابته، ولكنهم يحدثون به الناس حديثًا، ويبينونه لهم؛ لأن الله أمرهم أن يبينوه للناس، ويبلغوهم إياه، ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء ممن اصطفاه من ملائكته فيكلمون به أنبياءه من الناس، ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من الملائكة فيوحيه وحيًا في قلب من يشاء من رسله.
قلت : فالأول : الوحي، وهو الإعلام السريع الخفي؛ إما في اليقظة / وإما في المنام؛ فإن رؤيا الأنبياء وحي، ورؤيا المؤمنين جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، كما ثبت ذلك عن النبي ﷺ في الصحاح، وقال عبادة بن الصامت ـ ويروي مرفوعًا ـ : رؤيًا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده في المنام.