واختلفت، هل يسمع ذلك ؟ فقال بعضهم : يسمع ذلك المعنى بلطيفة خلقها فيه، قالوا : إن السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس معان تتعلق بكل موجود، كما قال ذلك الأشعري، وطائفة. وقال بعضهم : لم يسمع موسى كلام الله، فإنه عنده معنى، والمعنى لا يسمع، كما قال ذلك القاضي أبو بكر وطائفة.
وهذا الذي أثبتوه في جنس الوحي العام الذي فرق الله ـ عز وجل ـ / بينه وبين تكليمه لموسى ـ عليه السلام ـ حيث قال :﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ﴾ إلى قوله :﴿ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [ النساء : ١٦٣، ١٦٤ ]، وفرق بين إيحائه وبين تكليمه من وراء حجاب حيث قال :﴿ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ﴾ [ الشورى : ٥١ ]، وحيث فرق بين الرسول المكلم وغيره بقوله تعالى :﴿ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ ﴾ [ البقرة : ٢٥٣ ].
لكن هؤلاء يثبتون أن لله كلامًا هو معنى قائم بنفسه هو متكلم به، وبهذا صاروا خيرًا ممن لا يثبت له كلامًا إلا ما أوحى في نفس النبي من المعنى، أو ما سمعه من الصوت المحدث، ولكن لفرط ردهم على هؤلاء زعموا أنه لا يكون كلامًا لله بحال إلا ما قام به؛ فإنه لا يقوم إلا المعنى. فأنكروا أن تكون الحروف كلام الله، وأن يكون القرآن العربي كلام الله.