قلت : والخطأ في هذا الأصل في طرفين، كما أنه في الأصل الأول في طرفين. ففي الأصل الأول من قال : إنه ليس له كلام قائم به ومن قال : ليس كلامه إلا معنى مجرد أو صوت مجرد. وفي هذا الأصل من قال : كلامه لا يقوله غيره. أو لا يسمع من غيره، ومن قال : كلامه إذا أبلغه غيره وأداه فحاله كحاله إذا سمعه منه وتلاه، بل كلامه يقوله رسله وعباده، ويتكلمون به، ويتلونه، ويقرؤونه، فهو كلامه حيث تصرف، وحيث تلى، وحيث كتب، وكلامه ليس بمخلوق حيث تصرف، وهو مع هذا فليس حاله إذا قرأه العباد وكتبوه كحاله إذا قرأه الله وسمعوه منه، ولا من يسمعه من القارئ بمنزلة موسى بن عمران الذي سمع كلام رب العالمين منه، كما جاء في الحديث :[ إذا سمع الخلائق القرآن يوم القيامة من الله فكأنهم لم يسمعوه قبل ذلك ]، بل ولا تلاوة الرسول وسمعه منه كتلاوة غيره وسمعه منه، بل ولا تلاوة بعض الناس والسماع منه كتلاوة بعض الناس والسماع منه، وهو كلام الله ـ تعالى ـ الذي ليس بمخلوق في جميع أحواله، وإن اختلفت أحواله.
ومما يجب أن يعرف أن قول الله ورسوله والمؤمنين لما أنزله الله، هذا كلام الله، بل وقول الناس لما يسمعونه من كلام الناس، هذا كلام فلان، كقولهم لمثل قوله :( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل / امرئ ما نوى ) هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، و لمثل قوله :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل**
هذا شعر لَبِيد.


الصفحة التالية
Icon