وذكر في معظم حروف المعجم أنها مباني أسماء الله الحسنى، وكتبه المنزلة من السماء، وهذا مما يحتج به من قال : ليست مخلوقة، وليس بحجة؛ فإن أسماء الله من كلامه، وكلامه غير مخلوق، وما اشتقه هو من أسمائه فتكلم به فكلامه به غير مخلوق، وأما إذا اشتقوا اسما أحدثوه فذلك الاسم هم أحدثوه، ولا يلزم إذا كان المشتق منه غير مخلوق، أن يكون المشتق كذلك، وما يروى عن المسيح فلا يعرف ثبوته عنه، وبتقدير ثبوته فإذا كان قد ألهم عباده أن يتكلموا بالحروف/ التي هي مباني أسمائه التي تكلم بها لم يلزم أن يكون ما أحدثوه هم غير مخلوق.
وبالجملة، فمن نظر إلى أن حقيقة الحرف التي لا تختلف موجودة في كلام الله وكلام الله غير مخلوق، قال : إنها مخلوقة إشارة إلى نفس حقيقة الحرف، لا إلى عين جزء اللفظ الذي به ينطق الكفار والمشركون؛ فإن ذلك الحرف الذي هو صوت لمقدر أو تقدير صوت قائم بالكافر والمشرك لا يقول عاقل : إنه غير مخلوق، مع أنه ليس مضافا إلى الله بوجه من الوجوه، وإنما يضاف إلى الله ما شاركه في اسمه مما كان متعلقا بالمعنى المضاف إلى الله.


الصفحة التالية
Icon