فإن المنتسبين إلى السنة والحديث ـ وإن كانوا أصلح من غيرهم من أشباههم، فالسنة في الإسلام كالإسلام في الملل [ نسبة إلى أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى ]، كما أنه يوجد في المنتسبين إلى الإسلام ما يوجد في غيرهم، وإن كان كل خير في غير المسلمين فهو في المسلمين أكثر، وكل شر في المسلمين فهو في غيرهم أكثر، فكذلك المنتسبة إلى السنة ـ قد يوجد فيهم ما يوجد في غيرهم، وإن كان كل خير في غير أهل السنة فهو فيهم أكثر، وكل / شر فيهم فهو في غيرهم أكثر؛ إذ قد صح عن النبي ﷺ أنه قال :( لتتبعن سَنن من كان قبلكم، حَذْو القَذَّة بالقَذة، حتى لو دخلوا جُحر ضَبٍّ لدخلتموه ]. قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال :( فمن ؟ ) ) وقال :( لتأخذن مآخذ الأمم قبلكم : شبرا بشبر، وذراعًا بذراع )، قالوا : فارس والروم ؟ قال :( ومن الناس إلا هؤلاء ؟ ! )
وإزالة شبهة هؤلاء تحتاج إلى الكلام في الحروف والأسماء، هل هي مخلوقة أم غير مخلوقة ؟ وإن كنا قد أشرنا إلى ذلك، بل نتكلم على تقدير أنها غير مخلوقة، ونقول مع هذا : يجب القطع بأن كلام الآدميين مخلوق، ويطلق القول بذلك إطلاقًا لا يحتاج إلى تفصيل، بأن يقال : نظمه وتأليفه مخلوق، وحروفه وأسماؤه غير مخلوقة أو تركيبه مخلوق ومفرداته غير مخلوقة، فإن هذا التفصيل لا يحتاج إليه.
وذلك لأن كلام المتكلم هوعبارة عن ألفاظه ومعانيه، كما قدمناه، ليس الكلام اسما لمجرد الألفاظ، ولا لمجرد المعاني.
وعامة ما يوجد في الكتاب والسنة، وكلام السلف والأئمة، بل وسائر الأمم عربهم وعجمهم من لفظ الكلام، والقول، وهذا كلام فلان، أو كلام فلان، فإنه عند إطلاقه يتناول اللفظ والمعنى جميعا / لشموله لهما، ليس حقيقة في اللفظ فقط، كما يقوله قوم، ولا في المعنى فقط، كما يقوله قوم، ولا مشترك بينهما، كما يقوله قوم، ولا مشترك في كلام الآدميين وحقيقة في المعنى في كلام الله، كما يقوله قوم.