وأتباع الأئمة الأربعة ـ أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد ـ منهم من يختار جواب الصنف الأول، وهم الذين يرتضون قول ابن كلاب في القرآن، وهم طوائف من متأخري أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة. ومنهم من يختار جواب الصنف الثاني، وهم الطوائف الذين ينكرون قول ابن كلاب ويقولون : إن القرآن قديم، كالسالمية، وطوائف من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة. ومنهم من يختار جواب الطائفة الثالثة، وهم الذين ينكرون قول الطائفتين المتقدمتين الكلابية والسالمية.
ثم من هؤلاء من يقول بقول الكرامية ـ والكرامية ينتسبون إلى أبي حنيفة - ومنهم من لا يختار قول الكرامية ـ أيضًا ـ لما فيه من تناقض آخر، بل يقول بقول أئمة الحديث، كالبخاري، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومن قبلهم من السلف،/ كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومحمد بن كعب القرظي، والزهري، وعبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وما نقل من ذلك عن الصحابة والتابعين. وفي ذلك آثار كثيرة معروفة في كتب السنن والآثار تضيق عنها هذه الورقة.
وبين الأصناف الثلاثة منازعات ودقائق تضيق عنها هذه الورقة، وقد بسطنا الكلام عليها في مواضع وبينا حقيقة كل قول، وما هو القول الصواب في صريح المعقول وصحيح المنقول، لكن هؤلاء الطوائف كلهم متفقون على تضليل من يقول : إن كلام الله مخلوق. والأمة متفقة على أن من قال : إن كلام الله مخلوق، لم يكلم موسى تكليمًا، يستتاب، فإن تاب وإلا يقتل.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا.
وسُئِل أيضًا ـ رحمه الله ـ عمن قال : كلم الله موسى تكليمًا، وسمعته أذناه، ووعاه قلبه، وإن الله كتب التوراة بيده، وناوله إياه من يده إلى يده، وقال آخر : لم يكلمه إلا بواسطة.
فأجاب :