القائل الذي قال : إن الله كلم موسى تكليمًا ـ كما أخبر في كتابه ـ مصيب، وأما الذي قال : كلم الله موسى بواسطة فهذا ضال مخطئ، بل قد نص الأئمة على أن من قال ذلك فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ فإن هذا الكلام إنكار لما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام، ولما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع.
قال الله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ﴾ الآية [ الشورى : ١٥ ]، ففرق بين تكليمه من وراء حجاب ـ كما كلم موسى ـ وبين تكليمه بواسطة رسول ـ كما أوحى إلى غير موسى ـ قال الله تعالى :﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ﴾
إلى قوله :﴿ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [ النساء : ١٦٣، ١٦٤ ].
والأحاديث بذلك كثيرة في الصحيحين والسنن، وفي الحديث المحفوظ عن النبي ﷺ حديث :( التقى آدم وموسى، قال آدم : أنت موسى الذي كلمك الله تكليمًا، لم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه ).
وسلف الأمة وأئمتها كفروا الجهمية، الذين قالوا : إن الله خلق كلامًا في بعض الأجسام، سمعه موسى، وفسر التكليم بذلك. وأما قوله :( إن الله كتب التوراة بيده ) فهذا قد روي في الصحيحين فمن أنكر ذلك فهو مخطئ ضال، وإذا أنكره بعد معرفة الحديث الصحيح يستحق العقوبة، وأما قوله :[ ناولها بيده إلى يده ] فهذا مأثور عن طائفة من التابعين، وهو هكذا عند أهل الكتاب، لكن لا أعلم غير هذا اللفظ مأثورًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالمتكلم به إن أراد ما يخالف ذلك فقد أخطأ، والله أعلم.
ما تقول السادة الأعلام أئمة الدين ـ رضي الله عنهم أجمعين :


الصفحة التالية
Icon