هل هذا القرآن الذي نتلوه القائم بنا حين التلاوة هو كلام الله الذي قام به حين تكلم به وكان صفة له أم لا ؟ وإذا كان كلامه، فهل إذا تلوناه وقام بنا يطلق عليه كلام الله وصفته ؟ أم يطلق عليه كلام الله دون صفته ؟ أم في ذلك تفصيل يجب بيانه ؟ وهل إذا قام بنا كان منتقلا عن الله بعد أن قام به ؟ أم يكون قائمًا بنا وبه معًا ؟ أم الذي قام بنا يكون عبارة عن كلام الله، أو حكاية عنه، ويكون إطلاق كلام الله عليه مجازًا ؟ وهل يكون صفة لنا محدثة قامت بمحدث؛ إذ القديم لا يقوم بمحدث، والمحدث لا يكون قديمًا، وهل [ التلاوة ] هي نفس المتلو أم لا ؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس ابن تيمية ـ قدس الله روحه :
الحمد لله رب العالمين، هذه المسألة جوابها يحتمل البسط، ويمكن فيه الاختصار، ثم بسط الجواب بعض البسط، فأما الجواب المختصر فإنه يقال :
جواب / هذه المسألة مبني على [ مقدمة ]، وهي أن يعرف الإنسان معنى قول القائل لما بلغه عن غيره : هذا كلام ذلك الغير؛ فإن المحدث إذا حدث عن النبي ﷺ بقوله :( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )، أو قوله :( الحلال بين، والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهة لا يعلمها كثير من الناس )، أو قوله :( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ ) ونحو ذلك.