وقد أجمع المسلمون على أن ما ينقله هؤلاء عن الأنبياء المتقدمين لا يجوز أن يجعل عمدة في دين المسلمين، إلا إذا ثبت ذلك بنقل متواتر، أو أن يكون منقولا عن خاتم المرسلين، وأيضا فهذا النقل قد عارضه نقل آخر وهو :( إن أول من خط وخاط إدريس ). فهذا منقول عن بعض السلف وهو مثل ذلك وأقوى، فقد ذكروا فيه أن إدريس أول من خاط الثياب، وخط بالقلم، وعلى هذا فبنو آدم من قبل إدريس لم يكونوا يكتبون بالقلم ولا يقرءون كتبًا. والذي في حديث أبي ذر المعروف، عن أبي ذر، عن / النبي ﷺ :( إن آدم كان نبيا مُكَلَّمًا كَلَّمه الله قُبُلا ) وليس فيه أنه أنزل عليه شيئًا مكتوبًا، فليس فيه أن الله أنزل على آدم صحيفة ولا كتابا، ولا هذا معروف عند أهل الكتاب، فهذا يدل على أن هذا لا أصل له، ولو كان هذا معروفًا عند أهل الكتاب لكان هذا النقل ليس هو في القرآن، ولا في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من جنس الأحاديث الإسرائيلية التي لا يجب الإيمان بها، بل ولا يجوز التصديق بصحتها إلا بحجة، كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح :( إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم؛ فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه ).
والله ـ سبحانه ـ علم آدم الأسماء كلها، وأنطقه بالكلام المنظوم، وأما تعليم حروف مقطعة ـ لا سيما إذا كانت مكتوبة ـ فهو تعليم لا ينفع، ولكن لما أرادوا تعليم المبتدئ بالخط صاروا يعلمونه الحروف المفردة حروف الهجاء، ثم يعلمونه تركيب بعضها إلى بعض، فيعلم [ أبجد هوز ]، وليس هذا وحده كلامًا.


الصفحة التالية
Icon