وقد قال الإمام أحمد ـ رضي الله عنه ـ وغيره من الأئمة : لم يزل الله متكلما إذا شاء، وهو يتكلم بمشيئته وقدرته، يتكلم بشىء بعد شىء، كما قال تعالى :﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى ﴾ [ طه : ١١ ]، فناداه حين أتاها ولم يناده قبل ذلك، وقال تعالى :﴿ فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ﴾ [ طه : ١٢١ ]، ﴿ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [ الأعراف : ٢٢ ]، فهو سبحانه ناداهما حين أكلا منها ولم ينادهما قبل ذلك، وكذلك قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [ الأعراف : ١١ ] بعد أن خلق آدم وصوره، ولم يأمرهم قبل ذلك، وكذا قوله :﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [ آل عمران : ٥٩ ] فأخبر أنه قال له : كن فيكون، بعد أن خلقه من تراب، ومثل هذا الخبر في القرآن كثير : يخبر أنه تكلم في وقت معين، ونادى في وقت معين، وقد / ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه لما خرج إلى الصفا قرأ قوله تعالى :﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ ﴾ [ البقرة : ١٥٨ ]، وقال :( نبدأ بما بدأ الله به ) فأخبر أن الله بدأ بالصفا قبل المروة.