فإن قيل : يحيى هذا والكتاب الحاضر ليس هو يحيى والكتاب المذكور في القرآن، وإن كان اللفظ نظير اللفظ. قيل : كذلك / سائر الأسماء والحروف إنما يوجد نظيرها في كلام العباد لا في كلام الله، وقولنا :[ يوجد نظيرها في كلام الله ] تقريب، أي يوجد فيما نقرؤه ونتلوه؛ فإن الصوت المسموع من لفظ محمد ويحيى وإبراهيم في القرآن هو مثل الصوت المسموع من ذلك في غير القرآن، وكلا الصوتين مخلوق.
وأما الصوت الذي يتكلم الله به فلا مثل له لا يماثل صفات المخلوقين، وكلام الله هو كلامه بنظمه ونثره ومعانيه، وذلك الكلام ليس مثل كلام المخلوقين، فإذا قلنا :﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [ الفاتحة : ٢ ] وقصد بذلك قراءة القرآن الذي تكلم الله به فذلك القرآن تكلم الله بلفظه ومعناه، لا يماثل لفظ المخلوقين ومعناهم، وأما إذا قصدنا به الذكر ابتداء من غير أن نقصد قراءة كلام الله فإنما نقصد ذكرًا ننشئه نحن يقوم معناه بقلوبنا، وننطق بلفظه بألسنتنا، وما أنشأناه من الذكر فليس هو من القرآن، وإن كان نظيره في القرآن.