ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح :( أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهن من القرآن : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر )، فجعل النبي ﷺ هذه الكلمات أفضل الكلام بعد القرآن. فجعل درجتها دون درجة القرآن، وهذا يقتضى أنها ليست من القرآن. ثم قال :( هي من القرآن )، وكلا قوليه حق وصواب؛ ولهذا منع أحمد أن يقال : الإيمان مخلوق. / وقال : لا إله إلا الله من القرآن. وهذا الكلام لا يجوز أن يقال : إنه مخلوق وإن لم يكن من القرآن، ولا يقال في التوراة والإنجيل : إنهما مخلوقان، ولا يقال في الأحاديث الإلهية التي يرويها عن ربه : إنها مخلوقة، كقوله :( ياعبادي، إني حَرَّمْتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم مُحَرَّمًا فلا تظالموا )، فكلام الله قد يكون قرآنا وقد لا يكون قرآنًا، والصلاة إنما تجوز وتصح بالقرآن، وكلام الله كله غير مخلوق.
فإذا فهم هذا في مثل هذا، فليفهم في نظائره، وأن ما يوجد من الحروف والأسماء في كلام الله ويوجد في غير كلام الله يجوز أن يقال : إنه من كلام الله باعتبار، ويقال : ليس من كلام الله باعتبار، كما أنه يكون من القرآن باعتبار وغير القرآن باعتبار، لكن كلام الله القرآن وغير القرآن غير مخلوق، وكلام المخلوقين كله مخلوق، فما كان من كلام الله فهو غير مخلوق، وما كان من كلام غيره فهو مخلوق.