وصرح أحمد وغيره من السلف أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يقل أحد من السلف : إن الله تكلم بغير مشيئته وقدرته، ولا قال أحد منهم : إن نفس الكلام المعين كالقرآن أو ندائه لموسى أو غير ذلك ـ من كلامه المعين ـ أنه قديم أزلي لم يزل ولايزال، وأن الله قامت به حروف معينة أو حروف وأصوات معينة قديمة أزلية لم تزل ولا تزال، فإن هذا لم يقله ولا دل عليه قول أحمد ولا غيره من أئمة المسلمين، بل كلام أحمد وغيره من الأئمة صريح في نقيض هذا، وأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وأنه لم يزل يتكلم إذا شاء، مع قولهم : إن كلام الله غير مخلوق، وأنه منه بدأ، ليس بمخلوق ابتدأ من غيره، ونصوصهم بذلك كثيرة معروفة في الكتب الثابتة عنهم، مثل ما صنف أبو بكر الخلال في [ كتاب السنة ] وغيره، وما صنفه عبد الرحمن بن أبي حاتم من كلام أحمد وغيره، وما صنفه أصحابه وأصحاب أصحابه؛ كابنيه صالح وعبد الله، وحنبل، وأبي داود السجستاني صاحب [ السنن ] والأثرم، والمروزي، وأبي زُرْعَة، وأبي حاتم، والبخاري صاحب الصحيح، وعثمان بن سعيد الدارمي، وإبراهيم الحربي، وعبد الوهاب الوراق، / وعباس بن عبد العظيم العنبري، وحرب بن إسماعيل الكرماني، ومن لا يحصى عدده من أكابر أهل العلم والدين، وأصحاب أصحابه ممن جمع كلامه وأخباره؛ كعبد الرحمن ابن أبي حاتم وأبي بكر الخلال، وأبي الحسن البناني الأصبهاني، وأمثال هؤلاء، ومن كانـ أيضًا ـ يأتم به وبأمثاله من الأئمة في الأصول والفروع، كأبي عيسى الترمذي ـ صاحب الجامع ـ وأبي عبد الرحمن النسائي وأمثالهما، ومثل أبي محمد بن قتيبة وأمثاله، وبسط هذا له موضع آخر.
وقد ذكرنا في [ المسائل الطبرستانية ] و [ الكيلانية ] بسط مذاهب الناس، وكيف تشعبت وتفرعت في هذا الأصل.