وأما جواب ابن عقيل فبناه على أصل ابن كُلاَّب الذي يعتقده هو وشيخه وغيرهما، وهو الأصل الذي وافقوا فيه ابن كلاب ومن اتبعه كالأشعري وغيره، وهو أن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته، وأنه ليس فيما يقوم به شيء يكون بمشيئته وقدرته؛ لامتناع قيام الأمور الاختيارية به عندهم؛ لأنها حادثة، والله لا يقوم به حادث عندهم؛ ولهذا تأولوا النصوص المناقضة لهذا الأصل، كقوله تعالى ﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [ التوبة : ١٠٥ ]، فإن هذا يقتضي أنه سيرى الأعمال في المستقبل، وكذلك قوله :﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [ يونس : ١٤ ]، وقوله :﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾، وكذلك قوله :﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ [ آل عمران : ٣١ ]، فإن هذا يقتضى أنه يحبهم بعد اتباع الرسول، وكذلك قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ﴾ [ الأعراف : ١١ ]، فإن هذا يقتضى أنه قال لهم بعد خلق آدم، وكذلك قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى ﴾ [ طه : ١١ ] يقتضي أنه نودي لما أتاها، لم يناد قبل ذلك، وكذلك قوله :﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [ يس : ٨٢ ] ومثل هذا في القرآن كثير.


الصفحة التالية
Icon