ولهذا يتنازعون في مراد النبي ﷺ :( فما أدركتم فَصَلُّوا، وما فاتكم فاقضوا ) وفي لفظ :( فأتموا ) فيظنون أن بين اللفظين خلافا وليس الأمر كذلك، بل قوله :[ فاقضوا ] كقوله :[ فأتموا ] لم يرد بأحدهما الفعل بعد الوقت، بل لا يوجد في كلام الشارع أمر بالعبادة في غير وقتها، لكن الوقت وقتان : وقت عام ووقت خاص لأهل الأعذار؛ كالنائم والناسي إذا صليا بعد الاستيقاظ والذكر، فإنما صليا في الوقت الذي أمر الله به؛ فإن هذا ليس وقتا في حق غيرهما.
ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله، أن ينشأ الرجل / على اصطلاح حادث، فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها.
وما ذكر في مسمى [ الكلام ] ما ذكره سيبويه في كتابه عن العرب، فقال : واعلم [ أن ] في كلام العرب إنما وقعت على أن تحكى وإنما يحكى بعد القول ما كان كلاما قولا؛ وإلا فلا يوجد قط لفظ الكلام والكلمة إلا للجملة التامة في كلام العرب، ولفظ الحرف يراد به الاسم والفعل وحروف المعاني واسم حروف الهجاء؛ ولهذا سأل الخليل أصحابه : كيف تنطقون بالزاي من زيد ؟ فقالوا : زاي، فقال نطقتم بالاسم، وإنما الحرف زه؛ فبين الخليل أن هذه التي تسمى حروف الهجاء هي أسماء.
وكثيرًا ما يوجد في كلام المتقدمين هذا [ حرف من الغريب ] يعبرون بذلك عن الاسم التام، فقوله ﷺ :( فله بكل حرف ) مثله بقوله :( ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف ). وعلى نهج ذلك؛ وذلك حرف، والكتاب حرف، ونحو ذلك. وقد قيل : إن ذلك أحرف والكتاب أحرف، وروى ذلك مفسرًا في بعض الطرق.


الصفحة التالية
Icon