الثاني : أنهم أثبتوا الخبر النفساني، فإن الإنسان يخبرك بالكذب، فيقوم في نفسه معنى ليس هو العلم، وهو معنى الخبر، فهذا يقتضي أنهم يقولون : إن العالم قد يقوم في نفسه خبر بخلاف علمه، والرازي لما ذكر مسألة أنه لا يجوز أن يتكلم بكلام ولا يعني به شيئًا خلافًا للحشوية. قيل له : هل قال أحد من طوائف الأمة : إن الله لا يعنى بكلامه شيئًا ؟ وإنما النزاع هل يتكلم بما لا يفهم العباد معناه ؟ وقيل له : هب أن في هذا نزاعًا، فهو لم يقم دليلا على امتناع ذلك، بل قال : هذا عيب أو نقص، واللّه منزه عنه، فقيل له : إما أن يريد المعنى القائم بالذات أو العبارات المخلوقة. أما الأول فلا يجوز إرادته هنا؛ لأن المسألة هي فيمن يتكلم بالحروف المنظومة، ولا يعني به شيئًا وذلك القائم بالذات هو نفس المعنى، وإن أردت الحروف ـ وهو مراده ـ فتلك عندك مخلوقة، ويجوز عندك أن يخلق كل شىء ليس منزها عن فعل من الأفعال، والعيب عندك هو ما لا تريده، فهذا ممتنع.