وكذلك سمع الإجابة، كقوله :( سمع اللّه لمن حمده )، وقول الخليل :﴿ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ﴾ [ آل عمران : ٣٨ ]، وقوله :﴿ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾ [ سبأ : ٥٠ ] يقتضي التخصيص بهذا السمع، فهذا التخصيص ثابت في الكتاب والسنة، وهو تخصيص بمعنى يقوم بذاته بمشيئته وقدرته ـ كما تقدم ـ وعند النفاة هو تخصيص بأمر مخلوق منفصل، لا بمعنى يقوم بذاته، وتخصيص من يحب بالنظر والاستماع المذكور يقتضي أن هذا النوع منتف عن غيره.
لكن مع ذلك هل يقال : إن نفس الرؤية والسمع الذي هو مطلق الإدراك هو من لوازم ذاته، فلا يمكن وجود مسموع ومرئى إلا وقد تعلق به كالعلم ؟ أو يقال : إنه أيضًا بمشيئته وقدرته فيمكنه ألا ينظر إلى بعض المخلوقات ؟ هذا فيه قولان : والأول قول من لا يجعل ذلك متعلقًا بمشيئته وقدرته، وأما الذين يجعلونه متعلقًا بمشيئته وقدرته فقد يقولون : متى وجد المرئي والمسموع وجب تعلق الإدراك به.
والقول الثاني : أن جنس السمع والرؤية يتعلق بمشيئته وقدرته، فيمكن ألا ينظر إلى شيء من المخلوقات، وهذا هو المأثور عن طائفة من السلف، كما روى ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني قال : ما نظر اللّّه إلى شيء من خلقه إلا رحمه، ولكنه قضى ألا ينظر إليهم.