داخلة في الفحشاء.
وكان أيضًا بالشام بعض أكابر الشيوخ ببعلبك - الشيخ عثمان شيخ دير ناعس - يأتيه خفير الفرنج النصارى راكبًا أسدًا ويخلو به ويناجيه، ويقول : يا شيخ عثمان، وكلت بحفظ خنازيرهم، فيعذره عثمان وأتباعه في ذلك، ويرون أن اللّه أمره بهذا كما أمر الخضر أن يفعل ما فعل، كما عذر ابن السكران وأمثاله خفراء المشركين التتار.
والجواب لهذا كالجواب لذلك، يقال له : وكلك اللّه تعالى بهذا ؟ الذي أنزل على لسان نبيه الدين أمر أن يوالي المسلمين وألا يتخذ اليهود والنصارى أولياء، بل أمرك أن تبغضهم وتجاهدهم بما استطعت، هو أمرك أن تتوكل بحفظ خنازيرهم ؟ ! فإن قال : هذا ظهر كذبه، وإن قال : بل هو أمر ألقى في قلبي لم يكذب، وقيل له : فهذا من أمر الشيطان لا من أمر الرحمن الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله، ولكنه من الأمر الذي كونه وقدره كشرك المشركين الذين قالوا :﴿ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا ﴾ [ الأنعام : ١٤٨ ].
ومن هؤلاء من يظن الرجال الذين يؤيد بهم الكفار من المشركين وأهل الكتاب هم أولياء اللّه، ولا يجب عليهم اتباع الرسول، كالملائكة الموكلة ببني آدم المعقبات.
فقلت لشيخ كان من شيوخهم : محمد أرسل إلى الثقلين الإنس والجن ولم يرسل إلى الملائكة، فكل إنسي أو جني خرج عن الإيمان به فهو عدو للّه لا ولى للّه، بخلاف الملائكة.
ثم يقال له : الملائكة لا يعاونون الكفار على المعاصي ولا على قتال المسلمين، وإنما يعاونهم على ذلك الشياطين، ولكن الملائكة قد تكون موكلة بخلقهم ورزقهم وكتابة أعمالهم، فإن ذلك ليس بمعصية، فهذا الجواب بالفرق بينهم وبين الملائكة من هذين الوجهين.
وقد ظهر أنهم من جنس الشياطين لا من جنس الملائكة، وكان هذا الشيخ هو وأبوه من خفراء الكفار، وكان والده يقال له : محمد الخالدي، نسبة إلى شيطان كان يقربه يقال له : الشيخ خالد، وهم يقولون : إنه من الإنس من رجال الغيب.


الصفحة التالية
Icon