وبهذا يجيب من لم يقتل الزنادقة، ويقول : إذا أخفوا زندقتهم لم يمكن قتلهم، ولكن إذا أظهروها قتلوا بهذه الآية، بقوله :﴿ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ قال قتادة : ذكر لنا أن المنافقين كانوا يظهرون ما في أنفسهم من النفاق؛ فأوعدهم الله بهذه الآية، فلما أوعدهم بهذه الآية أسروا ذلك وكتموه ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ﴾ يقول : هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق. قال مقاتل بن حَيَّان : قوله :﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ﴾ يعني : كما قُتِل أهل بَدْر وأسِرُوا فذلك قوله :﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ﴾.
قال السدي : كان النفاق على ثلاثة أوجه :
نفاق مثل نفاق عبد اللّه بن أُبَيّ، وعبد اللّه بن نُفيل، ومالك بن داعس، فكان هؤلاء وجوهًا من وجوه الأنصار، فكانوا يستحيون أن يأتوا الزنا، يصونون بذلك أنفسهم، ﴿ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ [ الأحزاب : ٦٠ ] قال : الزناة. إن وجدوه عملوا به، وإن لم يجدوه لم يتبعوه.
ونفاق يكابرون النساء مكابرة، وهم هؤلاء الذين يجلسون على الطريق، ثم قال :﴿ مَلْعُونِينَ ﴾ ثم فصلت الآية ﴿ أَيْنَمَا ثُقِفُوا ﴾ يعملون هذا العمل، مكابرة النساء. قال السدى : هذا حكم في القرآن ليس يعمل به، لو أن رجلاً أو أكثر من ذلك اقتصوا أثر امرأة فغلبوها على نفسها ففجروا بها كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم؛ أن يؤخذوا فتضرب أعناقهم. قال السدي : قوله :﴿ سُنَّةَ ﴾ كذلك كان يفعل بمن مضى من الأمم. قال : فمن كابر امرأة على نفسها فقتل فليس على قاتله دية؛لأنه مكابر.
قلت : هذا على وجهين :


الصفحة التالية
Icon