وأما النوع الأول، فيوجد كثيرًا في كلام القرامطة والفلاسفة المخالفين للمسلمين في أصول دينهم؛ فإن من علم أن السابقين الأولين قد رضي اللّه عنهم ورضوا عنه، علم أن كل ما يذكرونه على خلاف ذلك فهو باطل، ومن أقر بوجوب الصلوات الخمس على كل أحد ـ مادام عقله حاضرًا ـ علم أن من تأول نصًا على سقوط ذلك عن بعضهم فقد افترى، ومن علم أن الخمر والفواحش محرمة على كل أحد- ما دام عقله حاضرًا- علم أن من تأول نصًا يقتضى تحليل ذلك لبعض الناس أنه مُفْتَرٍ.
وأما النوع الثاني، فهو الذي يشتبه كثيرًا على بعض الناس؛ فإن المعنى يكون صحيحًا لدلالة الكتاب والسنة عليه، ولكن الشأن في كون اللفظ الذي يذكرونه دل عليه، و هذان قسمان :
أحدهما : أن يقال : إن ذلك المعنى مراد باللفظ، فهذا افتراء على اللّه، فمن قال : المراد بقوله :﴿ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ﴾ [ البقرة : ٦٧ ] هي النفس، وبقوله :﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ ﴾ [ النازعات : ١٧ ] هو القلب، ﴿ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ أبو بكر ﴿ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ ﴾ عمر ﴿ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ﴾ عثمان ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ﴾ [ الفتح : ٢٩ ] عليّ ـ فقد كذب على اللّه، إما متعمدًا وإما مخطئًا.