وذلك أن القلب بمنزلة أعضاء الجسد ـ كاليد مثلا ـ فإما أن تكون جامدة يابسة لا تلتوي ولا تبطش، أو تبطش بعنف، فذلك مثل القلب القاسي، أو تكون ضعيفة مريضة عاجزة لضعفها ومرضها، فذلك مثل الذي فيه مرض، أو تكون باطشة بقوة ولين فهو مثل القلب العليم الرحيم، فبالرحمة خرج عن القسوة، وبالعلم خرج عن المرض؛ فإن المرض من الشكوك والشبهات.
ولهذا وصف من عدا هؤلاء بالعلم والإيمان والإخبات. وفي قوله :﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ﴾ [ الحج : ٥٤ ] دليل على أن العلم يدل على الإيمان، ليس أن أهل العلم ارتفعوا عن درجة الإيمان ـ كما يتوهمه طائفة من المتكلمة ـ بل معهم العلم والإيمان، كما قال تعالى :﴿ لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ﴾ [ النساء : ١٦٢ ]، وقال تعالى :﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ الآية [ الروم : ٥٦ ].


الصفحة التالية
Icon