وقال اللّه تعالى :﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [ النساء : ٥٩ ] قالوا : أحسن عاقبة ومصيرًا. فالتأويل هنا تأويل فعلهم الذي هو الرد إلى الكتاب والسنة، والتأويل في سورة يوسف تأويل أحاديث الرؤيا، والتأويل في الأعراف ويونس تأويل القرآن، وكذلك في سورة آل عمران.
وقال تعالى في قصة موسى والعالم :﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ إلى قوله :﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [ الكهف : ٧٨-٨٢ ]، فالتأويل هنا تأويل الأفعال التي فعلها العالم من خرق السفينة بغير إذن صاحبها، ومن قتل الغلام، ومن إقامة الجدار. فهو تأويل عمل لا تأويل قول، وإنما كان كذلك؛ لأن التأويل مصدر أوله يؤوله تأويلا، مثل حول تحويلا، وعول تعويلا. وأول يؤول تعديه آل يؤول أَوْلاً مثل حال يحول حَوْلاً. وقولهم : آل يؤول، أي : عاد إلى كذا ورجع إليه، ومنه [ المآل ] وهو ما يؤول إليه الشىء ويشاركه في الاشتقاق الأكبر [ الموئل ]، فإنه من وأل وهذا من أول. والموئل المرجع، قال تعالى :﴿ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾ [ الكهف : ٥٨ ].
ومما يوافقه في اشتقاقه الأصغر [ الآل ] فإن آل الشخص من يؤول إليه؛ ولهذا لا يستعمل إلا في عظيم، بحيث يكون المضاف إليه أعظم من المضاف يصلح أن يؤول إليه الآل، كآل إبراهيم وآل لوط وآل فرعون، بخلاف الأهل، والأول أفعل؛ لأنهم قالوا في تأنيثه أولى، كما قالوا جمادى الأولى، وفي القصص :﴿ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ﴾ [ القصص : ٧٠ ].