فيقال لمن ادعى في هذا أنه متشابه لا يعلم معناه : أتقول هذا في جميع ما سمى اللّه ووصف به نفسه أم في البعض ؟ فإن قلت : هذا في الجميع كان هذا عنادًا ظاهرًا وجحدًا لما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، بل كفر صريح. فإنا نفهم من قوله :﴿ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [ الأنفال : ٧٥ ] معنى، ونفهم من قوله :﴿ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [ النور : ٤٥ ] معنى ليس هو الأول، ونفهم من قوله :﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [ الأعراف : ١٥٦ ] معنى، ونفهم من قوله :﴿ إنَّ اللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ﴾ [ إبراهيم : ٤٧ ] معنى. وصبيان المسلمين، بل وكل عاقل يفهم هذا. وقد رأيت بعض من ابتدع وجحد من أهل المغرب ـ مع انتسابه إلى الحديث لكن أثرت فيه الفلسفة الفاسدة ـ من يقول : إنا نسمى اللّه الرحمن العليم القدير علمًا محضًا من غير أن نفهم منه معنى يدل على شيء قط، وكذلك في قوله :﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ] يطلق هذا اللفظ من غير أن نقول له علم.
وهذا الغلو في الظاهر من جنس غلو القرامطة في الباطن، لكن هذا أيبس وذاك أكفر.