وأيضًا، فالسلف من الصحابة والتابعين وسائر الأمة قد تكلموا في جميع نصوص القرآن آيات الصفات وغيرها، وفسروها بما يوافق دلالتها وبيانها، ورووا عن النبي ﷺ أحاديث كثيرة توافق القرآن، وأئمة الصحابة في هذا أعظم من غيرهم، مثل عبد اللّه بن مسعود الذي كان يقول : لو أعلم أعلمَ بكتاب اللّه مني تبلغه آباط الإبل لأتيته. وعبد اللّه ابن عباس الذي دعا له النبي ﷺ وهو حبر الأمة وترجمان القرآن، كانا هما وأصحابهما من أعظم الصحابة والتابعين إثباتًا للصفات ورواية لها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن له خبرة بالحديث والتفسير يعرف هذا، وما في التابعين أجل من أصحاب هذين السيدين، بل وثالثهما في علية التابعين من جنسهم أو قريب منهم ومثلهما في جلالته جلالة أصحاب زيد بن ثابت، لكن أصحابه مع جلالتهم ليسوا مختصين به، بل أخذوا عن غيره مثل عمر وابن عمر وابن عباس، ولو كان معاني هذه الآيات منفيًا أو مسكوتًا عنه لم يكن ربانيو الصحابة أهل العلم بالكتاب والسنة أكثر كلامًا فيه.
ثم إن الصحابة نقلوا عن النبي ﷺ أنهم كانوا يتعلمون منه التفسير مع التلاوة، ولم يذكر أحد منهم عنه قط أنه امتنع من تفسير آية.
قال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن عثمان بن عفان وعبد اللّه بن مسعود وغيرهما؛ أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل.


الصفحة التالية
Icon