وأما التأويل الذي اختص اللّه به فحقيقة ذاته وصفاته كما قال مالك. والكيف مجهول. فإذا قالوا : ما حقيقة علمه وقدرته وسمعه وبصره قيل : هذا هو التأويل الذي لا يعلمه إلا اللّه.
وما أحسن ما يعاد التأويل إلى القرآن كله. فإذا قيل : فقد قال النبي ﷺ لابن عباس :( اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل ). قيل : أما تأويل الأمر والنهي فذاك يعلمه، واللام هنا للتأويل المعهود، لم يقل : تأويل كل القرآن، فالتأويل المنفي هو تأويل الأخبار التي لا يعلم حقيقة مخبرها إلا اللّه، والتأويل المعلوم هو الأمر الذي يعلم العباد تأويله، وهذا كقوله :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ [ الأعراف : ٥٣ ]، وقوله :﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾ [ يونس : ٣٩ ] فإن المراد تأويل الخبر الذي أخبر فيه عن المستقبل، فإنه هو الذي [ ينتظر ] و [ يأتي ] و [ لما يأتهم ]. وأما تأويل الأمر والنهي فذاك في الأمر، وتأويل الخبر عن اللّه وعمن مضى إن أدخل في التأويل لا ينتظر. واللّه ـ سبحانه ـ أعلم وبه التوفيق.
وَقَالَ الشيخ الإمام العَلامة، القدوة العارف الفقيه، الحافظ الزاهد العابد، السالك الناسك، مفتى الفرق ركن الشريعة، عالم العصر، فريد الدهر، ترجمان القرآن، وارث الأنبياء، آخر المجتهدين، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني - تغمده اللّه برحمته :


الصفحة التالية
Icon