وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال : أتى عَلِيٌّ بزنادقة فحرقهم بالنار، ولو كنت أنا لم أحرقهم؛ لنهى النبي ﷺ أن يعذب بعذاب اللّه، ولضربت أعناقهم لقوله :( من بدل دينه فاقتلوه ).
وهذا الذي قاله ابن عباس هو مذهب أكثر الفقهاء، وقد روى أنه أجَّلَهم ثلاثًا.
والثانية : السابة : وكان قد بلغه عن ابن السوداء [ في المطبوعة :( أبي السوداء ) وهو خطأ. والمراد عبد اللّه بن سبأ اليهودي، أظهر الإسلام وأبطن الكفر، رئيس فرقة السبئية من غلاة الشيعة، وإنما سمي بابن السوداء لسواد أمه ] أنه كان يسب أبا بكر وعمر فطلبه، قيل : إنه طلبه ليقتله فهرب منه.
والثالثة : المفضلة : الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر، فتواتر عنه أنه قال :( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر )، وروى ذلك البخاري في صحيحه عن محمد بن الحنفية أنه سأل أباه : مَنْ خير الناس بعد رسول اللّه ﷺ ؟ فقال : أبو بكر. قال : ثم من ؟ قال : عمر.
وكانت الشيعة الأولى لا يتنازعون في تفضيل أبي بكر وعمر، وإنما كان النزاع في علي وعثمان؛ ولهذا قال شريك بن عبد اللّه [ هو شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر القرشي، وثقه ابن سعد، وقال يحيى بن معين والنسائي : ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وتوفي سنة ١٤٠هـ. وقيل : ١٤٤هـ ] : إن أفضل الناس بعد رسول الّله ﷺ أبو بكر وعمر. فقيل له : تقول هذا وأنت من الشيعة ؟ فقال : كل الشيعة كانوا على هذا، وهو الذي قال هذا على أعواد منبره، أفنكذبه فيما قال ؟ ولهذا قال سفيان الثوري : من فضل عليا على أبي بكر وعمر فقد أزرى [ أي : حطَّ من شأنهم. انظر : القاموس، مادة : زري ] بالمهاجرين والأنصار، وما أرى يصعد له إلى اللّه ـ عز وجل ـ عمل وهو كذلك. رواه أبو داود في سننه، وكأنه يعرض بالحسن بن صالح بن حيى، فإن الزيدية الصالحة وهم أصلح طوائف الزيدية ينسبون إليه.


الصفحة التالية
Icon