ولكن الشيعة لم يكن لهم في ذلك الزمان جماعة ولا إمام، ولا دار ولا سيف يقاتلون به المسلمين، وإنما كان هذا للخوارج، تميزوا بالإمام والجماعة والدار، وسموا دارهم دار الهجرة، وجعلوا دار المسلمين دار كفر وحرب.
وكلا الطائفتين تطعن بل تكفر ولاة المسلمين، وجمهور الخوارج يكفرون عثمان وعليا ومن تولاهما، والرافضة يلعنون أبا بكر وعمر وعثمان ومن تولاهم، ولكن الفساد الظاهر كان في الخوارج، من سفك الدماء، وأخذ الأموال، والخروج بالسيف؛ فلهذا جاءت الأحاديث الصحيحة بقتالهم، والأحاديث في ذمهم والأمر بقتالهم كثيرة جدًا، وهي متواترة عند أهل الحديث مثل أحاديث الرؤية، وعذاب القبر وفتنته، وأحاديث الشفاعة والحوض.
وقد رويت أحاديث في ذم القدرية والمرجئة، روى بعضها أهل السنن، كأبي داود وابن ماجه، وبعض الناس يثبتها ويقويها، ومن العلماء من طعن فيها وضعفها، ولكن الذي ثبت في ذم القدرية ونحوهم هو عن الصحابة كابن عمر وابن عباس.
وأما لفظ [ الرافضة ]، فهذا اللفظ أول ما ظهر في الإسلام، لما خرج زيد بن علي ابن الحسين في أوائل المائة الثانية في خلافة هشام بن عبد الملك، واتبعه الشيعة، فسئل عن أبي بكر وعمر فتولاهما وترحم عليهما، فرفضه قوم، فقال : رفضتموني رفضتموني، فسموا الرافضة؛ فالرافضة تتولى أخاه أبا جعفر محمد بن علي، والزيدية يتولون زيدًا وينسبون إليه، ومن حينئذ انقسمت الشيعة إلى : زيدية، ورافضة إمامية.


الصفحة التالية
Icon