وقال أبو عبيد : حدثنا معاذ، عن ابن عون، عن عبيد اللّه بن مسلم بن يسار، عن أبيه؛ قال : إذا حدثت عن اللّه فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده. حدثنا هُشَيْم، عن مغيرة، عن إبراهيم؛ قال : كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه. وقال شعبة عن عبد اللّه ابن أبي السَّفْر؛ قال : قال الشعبي : واللّه ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن اللّه. وقال أبو عبيد : حدثنا هشيم أنبأنا عمر بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن مسروق؛ قال : اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله.
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف، محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعًا فلا حرج عليه؛ ولهذا روى عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه؛ لقوله تعالى :﴿ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ﴾ [ آل عمران : ١٨٧ ]، ولما جاء في الحديث المروي من طرق :( من سئل عن علم فكَتَمَه أَُلْجِم يوم القيامة بلجام من نار ).
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشَّار، حدثنَا مُؤَمَّل، حدثنا سفيان عن أبي الزِّنَاد، قال : قال ابن عباس : التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها. وتفسير لا يعذر أحد بجهالته. وتفسير يعلمه العلماء. وتفسير لا يعلمه إلا اللّه، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon