وَقَالَ شَيخ الإسلام ـ قدسَ اللّهُ رُوحه :
فَصْل
وأما سؤاله عن :[ إجراء القرآن على ظاهره ] فإنه إذا آمن بما وصف اللّه به نفسه، ووصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تكييف فقد اتبع سبيل المؤمنين.
ولفظ [ الظاهر ] في عرف المتأخرين قد صار فيه اشتراك، فإن أراد بإجرائه على الظاهر الذي هو من خصائص المخلوقين حتى يُشَبّّه اللّه بخلقه فهذا ضال، بل يجب القطع بأن اللّه ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. فقد قال ابن عباس : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، يعني : أن موعود اللّه في الجنة من الذهب، والحرير، والخمر، واللبن، تخالف حقائقه حقائق هذه الأمور الموجودة في الدنيا؛ فاللّه تعالى أبعد عن مشابهة مخلوقاته بما لا يدركه العباد، ليست حقيقته كحقيقة شيء منها.
وأما إن أراد بإجرائه على الظاهر الذي هو الظاهر في عرف سلف الأمة، لا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يُلْحِد في أسماء اللّه تعالى، ولا يقرأ القرآن والحديث بما يخالف تفسير سلف الأمة وأهل السنة، بل يجرى ذلك على ما اقتضته النصوص، وتطابق عليه دلائل الكتاب والسنة، وأجمع عليه سلف الأمة ـ فهذا مصيب في ذلك وهو الحق.
وهذه جملة لا يسع هذا الموضع تفصيلها، والله أعلم.
وَسُئِلَ ـ رحمه اللَّه ـ عن قوله ﷺ :( من فسّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ) فاختلاف المفسرين في آية واحدة إن كان بالرأي فكيف النجاة ؟ وإن لم يكن بالرأي فكيف وقع الاختلاف، والحق لا يكون في طرفي نقيض ؟ أفتونا.
فأجاب ـ رحمه اللّه تعالى :
ينبغي أن يعلم أن الاختلاف الواقع من المفسرين وغيرهم على وجهين :


الصفحة التالية
Icon