بخلاف البسملة، فإنها من القرآن، حيث كتبت في مذهب الشافعي وهو مذهب أحمد المنصوص عنه في غير موضع، وهو مذهب أبي حنيفة عند المحققين من أصحابه وغيرهم من الأئمة، لكن مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما أنها من القرآن، حيث كتبت البسملة، وليست من السورة، ومذهب مالك ليست من القرآن إلا في سورة النمل، وهو قول في مذهب أبي حنيفة وأحمد.
ومع هذا فالنزاع فيها من مسائل الاجتهاد، فمن قال : هي من القرآن حيث كتبت، أو قال : ليست هي من القرآن إلا في سورة النمل، كان قوله من الأقوال التي ساغ فيها الاجتهاد.
وأما التكبير، فمن قال : إنه من القرآن فإنه ضال باتفاق الأئمة، والواجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فكيف مع هذا ينكر على من تركه ؟ ! ومن جعل تارك التكبير مبتدعًا أو مخالفًا للسنة أو عاصيًا فإنه إلى الكفر أقرب منه إلى الإسلام، والواجب عقوبته بل إن أصَرَّ على ذلك بعد وضوح الحجة وجب قتله.
ولو قدر أن النبي ﷺ أمر بالتكبير لبعض من أقرأه كان غاية ذلك يدل على جوازه، أو استحبابه، فإنه لو كان واجبًا لما أهمله جمهور القراء، ولم يتفق أئمة المسلمين على عدم وجوبه، ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب، وإنما غاية من يقرأ بحرف ابن كثير أن يقول : إنه مستحب، وهذا خلاف البسملة؛ فإن قراءتها واجبة عند من يجعلها من القرآن، ومع هذا فالقراء يسوغون ترك قراءتها لمن لم ير الفصل بها، فكيف لا يسوغ ترك التكبير لمن ليس داخلاً في قراءته ؟
وأما ما يدعيه بعض القراء من التواتر في جزئيات الأمور، فليس هذا موضع تفصيله.
وسُئلَ ـ رَحِمَهُ اللَّه ـ عن الإمام مالك أنه قال : من كتب مصحفًا على غير رسم المصحف العثماني فقد أثم، أو قال : كفر. فهل هذا صحيح ؟ وأكثر المصاحف اليوم على غير المصحف العثماني، فهل يحل لأحد كتابته على غير المصحف العثماني بشرط ألا يبدل لفظًا، ولا يغير معنى، أم لا ؟
فأجاب :