وهذا معنى قول المسلمين : ما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن؛ إذ مشيئته هي الموجبة وحدها لا غيرها، فيلزم من انتفائها انتفاؤه لا يكون شيء حتى تكون مشيئته، لا يكون شيء بدونها بحال، فليس لنا سبب يقتضى وجود شيء حتى تكون مشيئته مانعة من وجوده، بل مشيئته هي السبب الكامل، فمع وجودها لا مانع، ومع عدمها لا مقتضى ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾ [ فاطر : ٢ ]، ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ ﴾ [ يونس : ٧ ]، ﴿ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُون ﴾ [ الزمر : ٣٨ ].
وإذا عرف أن العبد ليس له من نفسه خير أصلاً، بل ما بنا من نعمة فمن اللّه، وإذا مسنا الضر فإليه نجأر، والخير كله بيديه، كما قال :﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ [ النساء : ٧٩ ]، وقال :﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [ آل عمران : ١٦٥ ]، وقال النبى ﷺ فى سيد الاستغفار الذى فى صحيح البخارى :( اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت، خلقتنى وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووَعْدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوءُ لك بنعمتك علىّ، وأبوءُ بذنبى، فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )، وقال فى دعاء الاستفتاح الذى فى صحيح مسلم :( لبيك وسعديك، والخير بيديك، والشر ليس إليك، تباركت ربنا وتعاليت ).