أما عدم السبب فظاهر؛ فإنه ليس منه قوة ولا حول ولا خير ولا سبب خير أصالة، ولو كان منه شيء لكان سبباً فأضيف إليه لعدم السبب، ولأنه قد صدرت منه أفعال كان سببا لها بإعانة اللّه له، فما لم يصدر منه كان لعدم السبب.
وأما وجود المانع المضاد له المنافى، فلأن نفسه قد تضيق وتضعف، وتعجز أن تجمع بين أفعال ممكنة فى نفسها، متنافية في حقه، فإذا اشتغل بسمع شيء أو بصره، أو الكلام فى شيء أو النظر فيه أو إرادته، أو اشتغلت جوارحه بعمل كثير اشتغلت عن عمل آخر، وإن كان ذلك خيراً لضيقه وعجزه، فصار قيام إحدى الصفات والأفعال به مانعاً وصاداً عن آخر.
والضيق والعجز يعود إلى عدم قدرته، فعاد إلى العدم الذي هو منه، والعدم المحض ليس بشيء حتى يضاف إلى اللّه تعالى، وأما إن كان الشيء موجوداً كالألم وسبب الألم، فينبغي أن يعرف أن الشر الموجود ليس شراً على الإطلاق، ولا شراً محضاً، وإنما هو شر فى حق من تألم به، وقد تكون مصائب قوم عند قوم فوائد.


الصفحة التالية
Icon