ومعلوم أن شر النفس هو الأعمال السيئة، فتكون سيئات الأعمال هى الشر والعقوبات الحاصلة بها فيكون مستعيذاً من نوعى السيئات؛ الأعمال السيئة وعقوباتها، كما فى الاستعاذة المأمور بها فى الصلاة :( أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال )، فأمرنا بالاستعاذة من العذاب ـ عذاب الآخرة وعذاب البرزخ ـ ومن سبب العذاب، ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال. وذكر الفتنة الخاصة بعد الفتنة العامة ـ فتنة المسيح الدجال ـ فإنها أعظم الفتن، كما فى الحديث الصحيح :( ما من خَلْق آدم إلى قيام الساعة فتنة أعظم من فتنة المسيح الدجال ).
فصل
إذا ظهر أن العبد وكل مخلوق فقير إلى الله محتاج إليه ليس فقيراً إلى سواه، فليس هو مستغنياً بنفسه ولا بغير ربه، فإن ذلك الغير فقير أيضاً محتاج إلى الله، ومن المأثور عن أبى يزيد ـ رحمه الله ـ أنه قال : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق. وعن الشيخ أبى عبد الله القرشى [ هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم، الأندلسى الصوفى، أحد العارفين وصاحب الكرامات والأحوال، له كلمات وجمل فى آداب المعاملات وطرائق أهل الرياضات جمعها بعض تلاميذه فى كتاب ـ الفصول ـ أقام بمصر مدة، وسكن القدس وتوفى بها سنة ٩٩٥هـ عن خمس وخمسين سنة ] أنه قال : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون. وهذا تقريب وإلا فهو كاستغاثة العدم بالعدم؛ فإن المستغاث به إن لم يخلق الحق فيه قوة وحولا وإلا فليس له من نفسه شىء، قال سبحانه :﴿ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ]، وقال تعالى :﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ [ الأنبياء : ٢٨ ]، وقال تعالى :﴿ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [ البقرة : ١٠٢ ] واسم العبد يتناول معنيين :