وأيضا، لفظ ( السيئة ) قد جاء فى غير موضع مرادا به الشرك وقوله :﴿ سَيِّئَةً ﴾ أي : حال سيئة أو مكان سيئة ونحو ذلك، كما في قوله :﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ﴾ [ البقرة : ٢٠١ ]، أي حالاً حسنة تعم الخير كله، وهذا اللفظ يكون صفة، وقد ينقل من الوصفية إلى الاسمية؛ ويستعمل لازما أو متعديا يقال : ساء هذا الأمر، أي : قَبُح، ويقال : ساءنى هذا، قال ابن عباس فى قوله :﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ﴾ [ يونس : ٢٧ ] : عملوا الشرك؛ لأنه وصفهم بهذا فقط، ولو آمنوا لكان لهم حسنات، وكذا لما قال :﴿ كَسَبَ سَيِّئَةً ﴾ لم يذكر حسنة، كقوله تعالى :﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى ﴾ [ يونس : ٢٦ ] أي : فعلوا الحسنى، وهو ما أمروا به، كذلك ( السيئة ) تتناول المحظور فيدخل فيها الشرك.
وقال شيخ الإِسَلام ـ قدَّسَ اللَّه روحهُ :
فصل
قال الله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ﴾ [ المؤمنون : ١٧ ]، وقال تعالى :﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ ﴾ [ الأعراف : ٦، ٧ ]، وقد قال تعالى :﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [ البقرة : ٣ ]، قال طائفة من السلف : الغيب هو الله، أو من الإيمان بالغيب الإيمان بالله. ففي موضع نفى عن نفسه أن يكون غائباً، وفى موضع جعله نفسه غيباً.