وأيضاً، فينبغى أن يعرف أن مضار ضرب المثل ونصب القياس على العموم والخصوص والسلب والإيجاب؛ فإنه ما من خبر إلا وهو إما عام أو خاص؛ سالب أو موجب، فالمعين خاص محصور، والجزئى أيضاً خاص غير محصور، والمطلق إما عام وإما فى معنى الخاص.
فينبغى لمن أراد معرفة هذا الباب أن يعرف صيغ النفى والعموم؛ فإن ذلك يجىء فى القرآن على أبلغ نظام.
مثال ذلك : أن ( صيغة الاستفهام ) يحسب من أخذ ببادئ الرأى أنها لا تدخل فى القياس المضروب؛ لأنه لا يدخل فيه إلا القضايا الخبرية، وهذه طلبية، فإذا تأمل وعلم أن أكثر استفهامات القرآن ـ أو كثيراً منها ـ إنما هى استفهام إنكار معناه الذم والنهى إن كان إنكاراً شرعياً، أو معناه النفى والسلب إن كان إنكار وجود ووقوع، كما فى قوله :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ [ يس : ٧٨ ]، ﴿ ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ الآية [ الروم : ٢٨ ]، وكذلك قوله :﴿ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [ النمل : ٥٩ ]، وقوله فى تعديد الآيات :﴿ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ ﴾ [ النمل : ٦٠ـ٦٤ ]، أى : أفعل هذه إله مع الله ؟ ! والمعنى : ما فعلها إلا الله، وقوله :﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾ [ الطور : ٣٥ ] وما معها.