أحدها : أنه قال :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [ البقرة : ١٧٨ ] و ( القصاص ) مصدر قاصه يقاصه مقاصة وقصاصاً، ومنه مقاصة الدينين أحدهما بالآخر و ﴿ بًقٌصّاصٍ فٌي بًقّتًلّى ﴾ إنما يكون إذا كان الجميع قتلى، كما ذكر الشعبى فيقاص هؤلاء القتلى بهؤلاء القتلى، أما إذا قتل رجل رجلا فالمقتول ميت، فهنا المقتول لا مقاصة فيه، ولكن القصاص أن يمكن من قتل القاتل لا غيره، وفى اعتبار المكافآت فيه قولان للفقهاء : قيل : تعتبر المكافآت فلا يقتل مسلم بذمى ولا حر بعبد، وهو قول الأكثرين مالك والشافعى وأحمد. وقيل : لا تعتبر المكآفات كقول أبى حنيفة، والمكافآت لا تسمى قصاصاً.
وأيضاً فإنه قال :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ ﴾ وإن أريد بالقصاص المكافآت فتلك لم تكتب، وإن أريد به استيفاء القَوَد فذلك مباح للولى، إن شاء اقتص وإن شاء لم يقتص فلم يكتب عليه الاقتصاص، وقد أورد هذا السؤال بعضهم وقال : هو مكتوب على القاتل أن يمكن من نفسه، فيقال له : هو تعالى قال :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ وليس هذا خطاباً للقاتل وحده بل هو خطاب لأولياء المقتول، بدليل قوله تعالى :﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ ثم لا يقال للقاتل : كتب عليك القصاص فى المقتول فإن المقتول لا قصاص فيه.


الصفحة التالية
Icon