الثالث : أنه قال :﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ﴾ لفظ ﴿ عُفِيَ ﴾ هنا قد استعمل متعديا؛ فإنه قال :﴿ عُفِيَ ﴾، ﴿ شَيْءٌ ﴾ ولم يقل :( عفا ) ( شيئا ) وهذا إنما يستعمل فى الفعل، كما قال تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ [ البقرة : ٢١٩ ]، وأما العفو عن القتل فذاك يقال فيه : عفوت عن القاتل، فَوَلِىُّ المقتول بين خيرتين : بين أن يعفو عن القتل ويأخذ الدية فلم يعف له شىء، بل هو عفا عن القتل وإذا عفا فإما أن يستحق الدية بنفسه أو بغير رضا القاتل على قولين.
وقد قال بعضهم :﴿ مِنْ أَخِيهِ ﴾ أى : من دم أخيه، أى : ترك له القتل ورضى بالدية، والمراد القاتل، يعنى : إن القاتل عفى له من دم أخيه المقتول، أى : ترك له القتل، فيكون التقدير : أن الولى عفى للقاتل من دم المقتول شيئاً، وهذا كلام لا يعرف، لا يقال : عفوت لك شيئاً، ولا يقال : عفوت من دم القاتل، وإنما الذى يقال : إنه عفا عن القاتل، فأين هذا من هذا ؟