وقد ذكر ـ سبحانه ـ هذا المعنى فى قوله :﴿ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ [ الإسراء : ٣٣ ]، وإذا دلت على العدل فى القَوَد بطريق اللزوم والتنبيه ذهب الإشكال، ولم يقل : فلم لا قال : والعبد بالعبد والحر ؟ فإنه لم يكن المقصود أنه يقاص به فى القتلى، ومعلوم أنه إنما يقاص الحر بالحر لا بالمرأة، والمرأة بالمرأة لا بالحر، والعبد بالعبد. فظهرت فائدة التخصيص به والمقابلة فى الآية.
ودلت الآية ـ حينئذ ـ على أن الحر يقتل بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى؛ إذا كانا متساويين فى الدم، وبدله هو الدية، ولم ينتف أن يقتل عبد بحر وأنثى بذكر، ولا لها مفهوم ينفى ذلك، بل كما دلت على ذلك بطريق التنبيه والفحوى والأولى، كذلك تدل على هذا أيضاً؛ فإنه إذا قتل العبد بالعبد فقتله بالحر أولى، وإذا قتلت المرأة بالمرأة فقتلها بالرجل أولى.
وأما قتل الحر بالعبد والذكر بالأنثى فالآية لم تتعرض له لا بنفى ولا إثبات، ولا لها مفهوم يدل عليه، لا مفهوم موافقة ولا مخالفة؛ فإنه إذا كان فى المقاصة يقاس الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى لتساوى الديات، دل ذلك على قتل النظير بالنظير، والأدنى بالأعلى.
يبقى قتل الأعلى الكثير الدية بالأدنى القليل الدية، ليس فى الآية تعرض له؛ فإنه لم يقصد بها ابتداء القود، وإنما قصد المقاصة فى القتلى لتساوى دياتهم.
فإن قيل : دية الحر كدية الحر، ودية الأنثى كدية الأنثى، ويبقى العبيد قيمتهم متفاضلة ؟