ودلت الآية على أن هذا الضمان على مجموع الطائفة يستوى فيه الرِّدْء [ الرًّدْءُ : المعين. انظر : المصباح المنير، مادة : ردؤ ] والمباشر، لا يقال : انظروا من قتل صاحبكم هذا فطالبوه بديته بل يقال : ديته عليكم كلكم، فإنكم جميعاً قتلتموه؛ لأن المباشر إنما تمكن بمعاونة الردء له، وعلى هذا دل قوله :﴿ وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا ﴾ [ الممتحنة : ١١ ]، فإن أولئك الكفار كان عليهم مثل صداق هذه المرأة التى ذهبت إليهم، فإذا لم يؤدوه أخذ من أموالهم التى يقدر المسلمون عليها، مثل امرأة جاءت منهم يستحقون صداقها، فيعطى المسلم زوج تلك المرتدة صداقها من صداق هذه المسلمة المهاجرة التى يستحقه الكفار؛ لكونها أسلمت وهاجرت وفوتت زوجها بُضْعَها كما فوتت المرتدة بضعها لزوجها وإن كان زوج المهاجرة ليس هو الذى تزوج بالمرتدة؛ لأن الطائفة لما كانت ممتنعة يمنع بعضها بعضا، صارت كالشخص الواحد.
ولهذا لما قتل خالد من قتل من بنى جذيمة وَدَاهُم النبى ﷺ من عنده؛ لأن خالداً نائبه وهو لا يمكنهم من مطالبته وحبسه لأنه متأول، وكذلك عَمرو بن أمية وقاتله خالد بن الوليد؛ لأنه قتل هذا على سبيل الجهاد لا لعداوة تخصه، وقد تنازع الفقهاء فى خطأ ولى الأمر؛ هل هو فى بيت المال أو على ذمته ؟ على قولين.
ولهذا كان ما غنمته السَّرِيَّة يشاركها فيه الجيش، وما غنمه الجيش شاركته فيه السرية؛ لأنه إنما يغنم بعضهم بظهر بعض، فإذا اشتركوا فى المغرم اشتركوا فى المغنم، وكذلك فى العقوبة يقتل الرِّدْء والمباشر من المحاربين عند جماهير الفقهاء، كما قتل عمر ـ رضى اللّه عنه ـ ربيئة [ أى طليعة. انظر : المصباح، مادة : ربأ ] المحاربين، وهو قول مالك وأبى حنيفة وأحمد، وهو مذهب مالك فى القتل قوداً، وفى السراق ـ أيضاً.


الصفحة التالية
Icon