فقوله :﴿ أَعْظَمُ دَرَجَةً ﴾ كما قال فى السابقين :﴿ أَعْظَمُ دَرَجَةً ﴾ وهذا نصب على التمييز؛ أى : درجتهم أعظم درجة، وهذا يقتضى تفضيلا مجملا، يقال : منزلة هذا أعظم وأكبر، كذلك قوله :﴿ وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [ النساء : ٩٥ ] الآيات. ليس المراد به أنهم لم يفضلوا عليهم إلا بدرجة؛ فإن فى الحديث الصحيح الذى يرويه أبو سعيد وأبو هريرة :( إن فى الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين فى سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ) الحديث، وفى حديث أبى سعيد :( من رَضِىَ بالله ربا وبالإسلام دِينا، وبمحمد نبياً، وَجَبَتْ له الجنة ). فعجب لها أبو سعيد، فقال رسول الله ﷺ :( وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة فى الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض )، فقال : وما هى يا رسول الله ؟ قال :( الجهاد فى سبيل الله )، فهذا الحديث الصحيح بين أن المجاهد يفضل على القاعد الموعود بالحسنى من غير أولى الضرر مائة درجة، وهو يبطل قول من يقول : إن الوعد بالحسنى والتفضيل بالدرجة مختص بأولى الضرر، فهذا القول مخالف للكتاب والسنة.