وقال فى وسطها :﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ]، ثم حكى عن أهل الإيمان أنهم قالوا :﴿ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ]، فنؤمن ببعض ونكفر ببعض، فلا ينفعنا إيماننا بمن آمنا به منهم كما لم ينفع أهل الكتاب ذلك، بل نؤمن بجميعهم ونصدقهم ولا نفرق بينهم، وقد جمعتهم رسالة ربهم فنفرق بين من جمع الله بينهم، ونعادى رسله، ونكون معادين له، فباينوا بهذا الإيمان جميع طوائف الكفار المكذبين لجنس الرسل، والمصدقين لبعضهم المكذبين لبعضهم.
وتضمن إيمانهم بالله إيمانهم بربوبيته، وصفات كماله، ونعوت جلاله، وأسمائه الحسنى، وعموم قدرته ومشيئته، وكمال علمه وحكمته، فباينوا بذلك جميع طوائف أهل البدع والمنكرين لذلك أو لشىء منه؛ فإن كمال الإيمان بالله يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه، وتنزيهه عما نزه نفسه عنه، فباينوا بهذين الأمرين جميع طوائف الكفر، وفِرَق أهل الضلال الملحدين فى أسماء الله وصفاته.
ثم قالوا :﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾، فهذا إقرار منهم بركنى الإيمان الذى لا يقوم إلا بهما، وهما السمع المتضمن للقبول، لا مجرد سمع الإدراك المشترك بين المؤمنين والكفار، بل سمع الفهم والقبول، والثانى : الطاعة المتضمنة لكمال الانقياد وامتثال الأمر، وهذا عكس قول الأمة الغضبية :﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ [ البقرة : ٩٣ ].


الصفحة التالية
Icon