واللّه ـ سبحانه ـ جعل مما يعاقب به الناس على الذنوب سلب الهدى والعلم النافع، كقوله :﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ﴾ [ النساء : ١٥٥ ]، وقال :﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ﴾ [ البقرة : ٨٨ ]، وقال :﴿ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ الأنعام : ١٠٩، ١١٠ ] وقال :﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً ﴾ [ البقرة : ١٠]، وقال :﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [ الصف : ٥ ].
وهذا كما أنه حرم على بنى إسرائيل طيبات أحلت لهم لأجل ظلمهم وبغيهم، فشريعة محمد لا تنسخ ولا تعاقب أمته كلها بهذا، ولكن قد تعاقب ظلمتهم بهذا، بأن يحرموا الطيبات، أو بتحريم الطيبات؛ إما تحريماً كونياً بألا يوجد غيثهم، وتهلك ثمارهم، وتقطع المِيرَة عنهم، أو أنهم لا يجدون لذة مأكل ولا مشرب ولا منكح ولا ملبس ونحوه كما كانوا يجدونها قبل ذلك، وتسلط عليهم الغُصَص [ جمع غُصَّة، وهى ما اعترض فى الحلق ـ من طعام وشراب وغيرهما ـ فأشرق. انظر : القاموس، مادة : غصص ] وما ينغص ذلك ويعوقه. ويجرعون غصص المال والولد والأهل، كما قال تعالى :﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [ التوبة : ٥٥ ] وقال :﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٥٥، ٥٦ ]، وقال :﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [ التغابن : ١٥ ]، فيكون هذا كابتلاء أهل السبت بالحيتان.