قيل : هو من باب التحميل القدرى، لا من باب التكليف الشرعى، أى : لا تبتلينا بمصائب لا نطيق حملها، كما يبتلى الإنسان بفقر لا يطيقه، أو مرض لا يطيقه، أو حدث، أو خوف، أو حب أو عشق لا يطيقه، ويكون سبب ذلك ذنوبه.
وهذا مما يبين أن الذنوب عواقبها مذمومة مطلقاً.
وقوله :﴿ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ﴾ [ النساء : ١٢٣ ]، و ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة : ٧، ٨ ] قول حق، وقال تعالى فى قصة قوم لوط :﴿ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [ الذاريات : ٣٧ ].
فما من أحد يبتلى بجنس عملهم إلا ناله شىء من العذاب الأليم، حتى تعمد النظر يورث القلب علاقة يتعذب بها الإنسان، وإن قويت حتى صارت غرامًا وعشقاً زاد العذاب الأليم، سواء قدر أنه قادر على المحبوب أو عاجز عنه؛ فإن كان عاجزاً فهو فى عذاب أليم من الحزن والهَمّ والغَمّ، وإن كان قادراً فهو فى عذاب أليم من خوف فراقه، ومن السعى فى تأليفه وأسباب رضاه؛ فإن نزل به الموت أو افتقر تضاعف علىه العذاب، وإن صار إلى غيره استبدالاً به أو مشاركة قوى عذابه، فإن هذا الجنس يحصل فيه من العذاب ما لا يحصل فى عشق البغايا وما يحصل مثله فى الحلال، وإن حصل في الحلال نوع عذاب كان أخف من نظيره، وكان ذلك سبب ذنوب أخرى.
فإذا دعا الإنسان بهذا الدعاء ـ يخص نفسه ويعم المسلمين ـ فله من ذلك أعظم نصيب، كيف لا وقد قال النبى ﷺ :( الآيتان من آخر سورة البقرة ما قرأ بهما أحد فى ليلة إلا كفَتَاهُ ) وكيف لا تكفيانه وما دعا به من ذلك لم يحصل له إلا ما حصل لسائر المؤمنين الذين لم يقرؤوهما، فإن الداعى بهذا الدعاء له منه نصيب يخصه كسائر الأدعية.


الصفحة التالية
Icon