واللّه ـ سبحانه ـ كان أسكن آدم وزوجه الجنة، وقال لهما :﴿ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ [ البقرة : ٣٥، ٣٦ ]، فكل عداوة كانت فى ذريتهما وبلاء ومكروه وتكون إلى قيام الساعة وفى النار يوم القيامة سببها الذنوب ومعصية الرب تعالى.
فالإنسان إذا كان مقيما على طاعة اللّه باطنا وظاهراً كان فى نعيم الإيمان والعلم وارد عليه من جهاته، وهو فى جنة الدنيا، كما فى الحديث :( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ). قيل : وما رياض الجنة ؟ قال :( مجالس الذكر )، وقال :( ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة )، فإنه كان يكون هنا فى رياض العلم والإيمان.
وكلما كان قلبه فى محبة اللّه وذكره وطاعته كان معلقاً بالمحل الأعلى، فلا يزال فى علو ما دام كذلك، فإذا أذنب هبط قلبه إلى أسفل، فلا يزال فى هبوط ما دام كذلك، ووقعت بينه وبين أمثاله عداوة، فإن أراد الله به خيراً ثاب وعمل فى حال هبوط قلبه إلى أن يستقيم فيصعد قلبه، قال تعالى :﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ﴾ [ الحج : ٣٧ ] فتقوى القلوب هى التى تنال اللّه، كما قال :﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [ فاطر : ١٠ ]، فأما الأمور المنفصلة عنا من اللحوم والدماء فإنها لا تنال اللّه.