قيل : هو حال من شهد أي : شهد قائما بالقسط.
وقيل : من ( هو ) أى : لا إله إلا هو قائما بالقسط، كما يقال : لا إله إلا هو وحده، وكلا المعنيين صحيح.
وقوله :﴿ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ﴾ يجوز أن يعمل فيه كلا العاملين على مذهب الكوفيين فى أن المعمول الواحد يعمل فيه عاملان، كما قالوا فى قوله :﴿ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ ﴾ [ الحاقة : ١٩ ]، و ﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾ [ الكهف : ٩٦ ]، و ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ ق : ١٧ ]، ونحو ذلك. وسيبويه وأصحابه يجعلون لكل عامل معمولا، ويقولون : حذف معمول أحدهما لدلالة الآخر عليه، وقول الكوفيين أرجح، كما قد بسطته فى غير هذا الموضع.
وعلى المذهبين فقوله :﴿ القسط ﴾ يخرج على هذا، إما كونه يشهد قائمًا بالقسط فإن القائم بالقسط هو القائم بالعدل، كما فى قوله :﴿ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾ [ النساء : ١٣٥ ]، فالقيام بالقسط يكون فى القول، وهو القول العدل، ويكون فى الفعل. فإذا قيل : شهد ﴿ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ﴾ أى : متكلما بالعدل مخبراً به آمراً به، كان هذا تحقيقا لكون الشهادة شهادة عدل وقسط، وهى أعدل من كل شهادة، كما أن الشرك أظلم من كل ظلم، وهذه الشهادة أعظم الشهادات.