والمعتزلة قد تحتج بها على ما يدعونه من التوحيد والعدل والحكمة ولا حجة فيها لهم، لكن فيها حجة عليهم، وعلى خصومهم الجبرية أتباع الجهم بن صفوان؛ الذين يقولون : كل ما يمكن فعله فهو عدل، وينفون الحكمة، فيقولون : يفعل لا لحكمة، فلا حجة فيها لهم؛ فإنه أخبر أنه لا إله إلا هو، وليس فى ذلك نفى الصفات، وهم يسمون نفى الصفات توحيدا، بل الإله هو المستحق للعبادة، والعبادة لا تكون إلا مع محبة المعبود.
والمشركون جعلوا للّه أنداداً يحبونهم كحب الله، والذين آمنوا أشد حباً لله، فدل ذلك على أن المؤمنين يحبون الله أعظم من محبة المشركين لأندادهم، فعلم أن الله محبوب لذاته، ومن لم يقل بذلك لم يشهد فى الحقيقة أن لا إله إلا هو.
والجهمية والمعتزلة يقولون : إن ذاته لا تحب، فهم فى الحقيقة منكرون إلهيته، وهذا مبسوط فى غير هذا الموضع.
وقيامه بالقسط مقرون بأنه لا إله الا هو، فذكر ذلك على أنه لا يماثله أحد فى شىء من أموره، والمعتزلة تجعل القسط منه مثل القسط من المخلوقين، فما كان عدلا من المخلوقين كان عدلا من الخالق، وهذا تسوية منهم بين الخالق والمخلوق، وذلك قَدْح فى أنه لا إله إلا هو.